أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
19 نوفمبر 2023 1:16 م
-
سباق الإمكانات الضخمة هدف فرنسا للريادة بمجال التكنولوجيا خاصة الذكاء الاصطناعي

سباق الإمكانات الضخمة هدف فرنسا للريادة بمجال التكنولوجيا خاصة الذكاء الاصطناعي

اعداد ـ فاطيمة طيبي

في تقرير جاء وفقا لتصنيف يعتمد القيمة السوقية العامة للتكنولوجيا كمعيار للحكم على المستوى التكنولوجي للدولة  كشف عن الحالة التكنولوجية الأوروبية لعام 2022، والذي يبرز من خلاله  مدى تفوق فرنسا على المملكة المتحدة كدولة تكنولوجية.

ـ تمويلات للشركات الناشئة:

وعلى الرغم من أن التقرير أشار إلى أن شركات التكنولوجيا الناشئة في المملكة المتحدة تظل الأكثر تمويلا في أوروبا، فإنالا ان الاستثمار بها تراجع  بنسبة 22 %   أمام ألمانيا إحدى الأيقونات العالمية في عديد من الجوانب التكنولوجية، ومن أبرزها قطاع السيارات، الذي عرف  تراجعا  في الاستثمارات التكنولوجية وصل الى 43 % عن العام 2021 .

 فالقيمة السوقية لسوق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في فرنسا قدرت العام الماضي 2022 بنحو 115 مليار دولار، وسط  توقعات لتقديرات أولية بأن تبلغ 195 مليار دولار بحلول عام 2027، كما قدرت الإيرادات التراكمية لمقدمي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في فرنسا بين عامي 2022 و2027 بما يصل إلى 895 مليار دولار.لما   لجاذبية سوق التكنولوجيا الفرنسية وما تلعبه من دور مهم  مقارنة بمنافسيها الدوليين .

تلك الإمكانات الضخمة التي تدفع بباريس إلى بذل كل جهد ممكن لتصبح مركزا متميزا في  أوروبا في بمجال التكنولوجيا خاصة في الذكاء الاصطناعي، حيث تلقي الحكومة الفرنسية بثقل استثماراتها  حول قطاع التكنولوجيا  خاصة منه سريع النمو، لكن الطريق لا يخلو من كثير من التحديات في ظل منافسة شرسة من كل من المملكة المتحدة وألمانيا ليصبحا مركزا للذكاء الاصطناعي في القارة الأوروبية.

ـ 30 مليار يورو لـ (أبطال التكنولوجيا الفائقة في المستقبل):

يقول الدكتور إس.دي أرجون أستاذ الاقتصاد الأوروبي في جامعة برمنجهام "خصصت خطة فرنسا لعام 2030 التي أعلن عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في عام 2021 مبلغ 30 مليار يورو لإنشاء ما أطلق عليه (أبطال التكنولوجيا الفائقة في المستقبل)، وأعلن عن رغبته في رؤية 100 شركة فرنسية ناشئة في مجال التكنولوجيا، على أن يبلغ الحد الأدنى لميزانية كل شركة مليار يورو بحلول عام 2030، حيث بلغ العدد الحالي لتلك الشركات 26 شركة أي إن فرنسا قطعت ما يزيد قليلا على ربع الطريق لتحقيق الهدف".

كما ان من بين تلك الـ26 شركة يقع المقر الرئيس لـ20 منها في باريس، التي تعد معقل الشركات الفرنسية الناشئة خاصة في مجال التكنولوجيا، والتقديرات الراهنة تشير إلى وجود 12 ألف شركة ناشئة في منطقة باريس الكبرى، وهو عدد أكبر من الشركات الناشئة في كل من لندن وبرلين".

ويؤكد أن فرنسا لديها أقوى نمو في عمليات البحث عن الوظائف التي تركز على التكنولوجيا مقارنة بأي دولة أوروبية أخرى، كما أن متوسط راتب مهندس البرمجيات في باريس قبل عامين كان يبلغ 48332 يورو أي أعلى من المتوسط العالمي البالغ 46 ألف يورو.

ـ الشركات التكنولوجية رهان المستقبل :

لم تمنع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها فرنسا الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا من الحفاظ على تفاؤلها تجاه المستقبل، على الرغم من أن آخر البيانات الاقتصادية تشير إلى أن ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو وصل لنمو بنسبة لا تتجاوز 0.1 % في الربع الثالث من هذا العام  2023 مقارنة بالربع الثاني، غير ان  الصادرات تراجعت عن ذي قبل عن مسارها وانخفضت بنسبة 1.4% في الربع الثاني من هذا العام 2023 .

ـ ما مدى قوة تفاءل الشركات الفرنسية الناشئة العاملة في مجال التكنولوجيا:

تقول لويز مينشين الباحثة في الشئون الاقتصادية  "أظهرت شركات التكنولوجيا الفرنسية مرونة بعد جائحة كورونا، لنجد خلال عامي 2020 و2021 ارتفعت  إيراداتها بنسبة 23 % لتصل إلى 8 مليارات يورو، وهناك اتجاه لأن تصبح تلك الشركات أكثر استهدافا لاحتياجات المستهلكين في مجالات التعليم أو التكنولوجيا الصحية، وبذلك يمكنها أن تتوقع زيادة الطلب على منتجاتها في مجالات متعددة  كخدمة البرمجيات والتكنولوجيا المالية، مما ينتج مناخا تفاؤليا لدى المديرين التنفيذيين.

لكن هذا التفاؤل يصطدم من وجهة نظر الخبراء بعدد من العقبات من بينها :

ـ  صعوبة وصول الشركات الناشئة الفرنسية بصفة عامة وفي قطاع التكنولوجيا على وجه الخصوص إلى المهارات الدولية، بسبب الحواجز اللغوية وتعقيدات البيروقراطية الفرنسية.

ـ  إضافة إلى صعوبة الحصول على تأشيرة عمل فرنسية، وقد عملت الحكومة الفرنسية بضغط من قيادات الشركات الناشئة على تذليل تلك الصعوبات ولو جزئيا، وزيادة جاذبية سوق العمل الفرنسية في مجال التقنيات المتقدمة.

إلا أن تلك التحديات تعد من وجهة نظر الدكتور بارنيت وارك من معهد الدراسات المالية أبسط التحديات التي تواجه قطاع التكنولوجيا المتقدمة في فرنسا.

ويقول : " هناك أوقاتا عصيبة قد تواجه القطاع التقني الفرنسي تماما كما هي الحال في باقي الدول الأوروبية، فارتفاع معدلات التضخم وتباطؤ تمويل رأس المال الاستثماري وظروف سوق العمل الصعبة، تضع عراقيل أمام تحقيق الأهداف التي أعلنها الرئيس الفرنسي مكرون" ، اضف الى ذلك ام ما يميز فرنسا مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى ان يوجد لديها عددا هائلا من البرامج الاستثمارية في مجال التكنولوجيا تدعمها الحكومة، ويمكن لهذه البرامج أن تساعد على إنشاء شركات تكنولوجيا،  الا انه ومع هذا ستظل شركات التكنولوجيا الفرنسية خاصة الناشئة منها  في حاجة إلى شد الأحزمة على غرار نظيرتها الأوروبية والأمريكية".

ـ نقطة ضعف:

في هذا السياق يرى بعض الخبراء أن نقطة الضعف في منظومة شركات التكنولوجيا الفرنسية تتمثل في عدم امتلاك فرنسا شركات تكنولوجيا عملاقة على غرار الولايات المتحدة أو الصين، حيث عليها أن تعمل على امتلاك شركتين أو ثلاث يمكن تصنيفها ضمن اللاعبين الكبار على المستوى الدولي، وأن اعتمادها الدائم على النمو المتواصل والسريع لشركات التكنولوجيا الناشئة، لن يجعلها تحقق طموحاتها بأن تصبح مركز أوروبا التقني بشكل حقيقي.

ويكشف تطور قطاع التقنيات الحديثة في فرنسا في الوقت الحالي، أن كلا من الحكومة الفرنسية وشركات التكنولوجيا على وعي تام بأهمية تأسيس عدد من الشركات التكنولوجية العملاقة، لكنهما لم يفلحا حتى الآن في إحداث الاختراق المطلوب لبناء عمالقة تكنولوجيا فرنسية يمكنهم منافسة الشركات الأمريكية والصينية.

في المقابل نجح القطاعان عبر التعاون المشترك في تعزيز النظام البيئي التكنولوجي الفرنسي، ما ساعد على إنشاء بنوك استثمار عامة تركز على الاستثمار في المجال التقني، ما يفسر إلى حد كبير نجاح الشركات الناشئة الفرنسية في اجتذاب رؤوس الأموال وتحقيق النجاح المطلوب في الحصول على التمويل الضروري لإنجاح أعمالها، وهو ما يتضح من خلال الأرقام الرسمية التي تشير إلى قيام الشركات الناشئة الفرنسية العاملة في مجال التكنولوجيا بجمع ما قيمته 4.5 مليار دولار في النصف الأول من هذا العام متجاوزة المبلغ الإجمالي الذي تم جمعه في عام 2018.

ـ  عدم قدرة الدعم الحكومي الفرنسي المقدم للقطاع التكنولوجي لا يمكن أنعلى الاستمرار :

يقول : إس.دي. ديفي الخبير الاستثماري "لا تزال فرنسا متخلفة عن القادة العالميين في مجال التكنولوجيا كالولايات المتحدة والصين واليابان، ففي الولايات المتحدة توجد 644 شركة ناشئة تعمل في مجال التكنولوجيا تتجاوز قيمة الواحدة منها مليار دولار، وهذا العدد من الشركات أكثر من خمسة أضعاف نظيرتها الفرنسية، حتى بعد أن نأخذ الفارق بين عدد السكان في البلدين، كما أن الدعم الحكومي الفرنسي المقدم للقطاع التكنولوجي لا يمكن أن يستمر إلى الأبد".

وتكشف تلك الرؤية أن شركات التكنولوجيا الفرنسية ربما لن تجد أمامها من سبيل لإنشاء شركات عملاقة على غرار "أبل" الأمريكية أو "هواوي" الصينية سوى مزيد من الاندماج مستقبلا، وربما يكون ذلك مدخل فرنسا لمحاولة إيجاد أرضية صلبة تعزز بها دعوتها إلى إقامة شراكة تكنولوجية أقوى مع الولايات المتحدة، إذ سيكون من الصعب إقامة شراكة متوازنة بين ضفتي الأطلسي دون أن يكون لدى الأوروبيين عملاق أو أكثر تكنولوجيا قادر على أن يكون ندا حقيقيا لعمالقة التكنولوجيا الأمريكية.

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن17 أبريل 2024 9:43 صواشنطن: التحديات الدولية والإقليمية وتأثيرها على الأسواق الناشئة محاور مناقشة المشاط ومسئولي البنك الدولي15 أبريل 2024 2:34 ممفاعل الضبعة سيحل أزمة انقطاع الكهرباء بمصر وبدء إنتاج الطاقة بداية 202714 أبريل 2024 3:39 مبطاريات الطاقة الشمسية لتخزين الكهرباء7 أبريل 2024 1:23 مالدولة وضعت الحد الأقصى للاستثمارات العامة بتريليون جنيه لإفساح المجال للقطاع الخاص2 أبريل 2024 1:24 مالتيتانيوم .. السلاح الروسي الذي لا يعرفه احد31 مارس 2024 1:04 مأزمة أدوية تضرب العالم.. 26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية في 2023

التعليقات