أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
17 يناير 2024 12:16 م
-
الأمم المتحدة: تريليونا دولار للتحول للطاقة النظيفة وأربعة تريليونات دولار للتنمية المستدامة للبلدان النامية

الأمم المتحدة: تريليونا دولار للتحول للطاقة النظيفة وأربعة تريليونات دولار للتنمية المستدامة للبلدان النامية

 

اعداد ـ فاطيمة طيبي

في قمة المناخ الأخيرة بالإمارات  العربية المتحدة ركز المشاركون على قضية تعزيز الاستثمار في البلدان النامية خاصة بالطاقة المتجددة ومسالة  كيفية إيصال الأموال إلى البلدان منخفضة الدخل لمساعدتها على التكيف مع التغييرات المناخية.

وفقا لتقديرات الأمم المتحدة المستقبل الأخضر سيظل بعيد المنال إذا لم يساعد العالم البلدان النامية على سد فجوة قدرها "تريليونا دولار" من الاستثمارات المطلوبة للتحول إلى الطاقة النظيفة، و"أربعة تريليونات دولار" في استثمارات التنمية المستدامة.

ورغم تضاعف الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة ثلاث مرات منذ  ان تم اعتماد اتفاق باريس قبل ثمانية أعوام، الا انه  تم استبعاد الدول الفقيرة بما فيها ، أكثر من 30 دولة نامية من الاستثمارات الدولية  في توليد الطاقة المتجددة منذ اعتماد معاهدة تغير المناخ التاريخية عام 2015.حتى  ان  الاستثمار الأجنبي المباشر في الطاقة النظيفة الذي اجتذبته البلدان النامية في العام الماضي 2022 لم يتجاوز 544 مليار دولار وهو أقل بكثير من احتياجاتها.

ـ مساعدات لمواجهة التحديات بالدول النامية :
وإذا كانت قضية مساعدة البلدان النامية لمواجهة التحديات المناخية قضية  هامة ومحورية، فهي  كونها لا تعد يسيرة ، فالحكومات وحدها لا تستطيع تغطية الاحتياجات التي تقدر بتريليونات الدولارات لتطوير بنيتها في مجال الطاقة المتجددة خاصة وقت ارتفاع درجات حرارة الكوكب. وهنا ياتي دور القطاع الخاص ليقوم باستثماراته الضخمة  .

الاقتصادات النامية  قد لا تمتلك القدرة على استيعاب الأموال التي تعهد المانحون خلال القمة بضخها في تلك الاقتصادات على اعتبار ما مدى امكانية استعاب هذه البلدان لآليات اقتصادية تؤهلها لهذا الحجم الضخم من المساعدات، وماذا إذا أربكت تلك التريليونات أو حتى المليارات المتدفقة الاقتصادات الفقيرة نتيجة عدم جاهزية مؤسساتها الاقتصادية والمالية لاستيعابها  

ـ الخطة القادمة :

حاليا تعد مجموعة من الدول الغنية خطة لضخ مزيد من الأموال سنويا إلى البلدان النامية لمساعدتها على مواجهة التغير المناخي بقيام  المؤسسات الاستثمارية الكبرى بالدور الرئيسي في تحديد كيفية استثمار تلك الأموال، بتوفير التمويل لعمل مشروعات الطاقة المتجددة مع البنية التحتية  .

تقول الدكتورة باربرا بلدينج أستاذة التنمية الدولية في جامعة كارديف: "التدفقات الرأسمالية الضخمة دون أن تكون هناك بنية مالية واقتصادية جاهزة لاستقبالها تكون أضرارها الاقتصادية شديدة الخطورة. الدول الفقيرة ذات الاقتصادات المحدودة من حيث الحجم أو التنوع تفتقر لتلك المؤسسات، وحتى إن توافرت البعض منها فإنها تفتقر إلى القدرة على توجيه الأموال إلى الاستثمار الإنتاجي، وفي الأغلب ستقع تلك الأموال في فخ الاستثمار الاستهلاكي، وسترفع من معدلات التضخم المحلي. الأمر يتطلب تفكيرا متأنيا للغاية فيما يتعلق بكيفية هيكلة التمويل".

تتعرض وجهة النظر تلك لانتقاد حاد من عدد كبير من أنصار البيئة، ويرون فيها وسيلة من البلدان المتقدمة وتحديدا الولايات المتحدة لعدم تنفيذ التزاماتها الدولية المالية بمساعدة البلدان الفقيرة، ورغم عدم إنكار هذا التيار للملاحظات الخاصة بضعف بنية المؤسسات المالية في البلدان النامية، وعدم قدرتها على استيعاب تدفقات استثمارية ضخمة خلال فترة زمنية قصيرة، إلا أن ذلك لا ينفي وجود عديد من الحلول للتغلب على تلك المشكلة.
بدوره، يقول  أدام كونار الخبير الاقتصادي الاستشاري السابق في الأمم المتحدة: "إرسال هذه الأموال على شكل أسهم بدلا من الديون، يقلل الأخطار التي تواجه الدول الفقيرة من تدفق ضخم لرؤوس الأموال في الأمد القصير، كما أنه يربط المستثمرون الأجانب بمشروعات الطاقة المتجددة في تلك البلدان على المدى الطويل". ويضيف: "لكن هذا سيتطلب بالطبع مزيدا من الاستقلالية القانونية للمؤسسات الاقتصادية والمالية في البلدان النامية، لتشعر رؤوس الأموال الأجنبية بالأمان، وبأن الحكومات لن تتعسف في التعامل معها في لحظات الأزمات الاقتصادية".
مع هذا فإن تيار الخبراء الغربيين الذي يعرب عن مخاوفه بشأن التأثير السلبي لتدفقات مالية ضخمة على البلدان النامية لمساعدتها على مواجهة تحديات التغيير المناخي دون أن تكون مؤهلة ماليا واقتصاديا لاستيعاب تلك الاستثمارات، يرى في تقلب العملات المحلية لأغلب الاقتصادات النامية دليلا آخر على أخطار تلك التدفقات النقدية.

ـ مشكلة عدم استقرار العملات :
من ناحيته، يقول ساندرسن ولينجتون الخبير الاستثماري، "يشكل تقلب العملات في العالم النامي مشكلة أخرى، فعادة تبنى مشروعات الطاقة المتجددة في الاقتصادات النامية عبر الاعتماد على الديون المقومة بالدولار أو اليورو، وحصة المساهم الأجنبي في هذه المشروعات تكون بالعملة الأجنبية، تلك الالتزامات الضخمة بالعملات الأجنبية توجد لاحقا أزمات مالية نتيجة تراجع قيمة العملة المحلية، ما يزيد أقساط فوائد الدين، كما أن زيادة الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة كما حدث العام الماضي يرفع تكاليف الاقتراض في الدول الفقيرة".
مع هذا فإن تجربة الاقتراض بالعملة الأجنبية في الدول الفقيرة تكشف أن المشكلة تبرز بشكل حاد عندما تكون الديون قصير الأجل أو في استثمارات يمكن أن تغادر البلاد سريعا فيما يعرف بالأموال الساخنة.
بدوره، يؤكد كامبل سلتر الخبير المصرفي أن "الحل يكمن في إنشاء صندوق مالي يساعد على تقديم ديون ميسرة للغاية للدول النامية بفائدة منخفضة ولآجال زمنية طويلة، مع ضمانات للتعامل مع الانخفاضات التي تحدث في قيمة العملة المحلية، هذا يضمن تخفيف مخاوف المستثمرين، ومن جانب آخر يساعد على الحد من عدم الاستقرار الناجم عن سحب المساهمين الأجانب أموالهم مع كل هزة مالية تحدث في البلدان النامية".

ـ الخذلان الامريكي :
ما يعده البعض خذلانا اقتصاديا أمريكيا للجهود العالمية في قضايا المناخ، فبينما يصر المسؤولون في إدارة الرئيس بايدن على التزام الرئيس الأمريكي بتأمين المساعدات المناخية للعالم النامي، وتنفيذ تعهده بتقديم 11.4 مليار دولار سنويا مساعدات مناخية بحلول عام 2024، على أن تقدم إداراته عام 2023 نحو تسعة مليارات دولار أمريكي، وأن يتم تخصيص الجزء الأكبر من هذه الأموال من خلال صناديق المناخ متعددة الأطراف، إضافة إلى القروض وغيرها من أشكال التمويل لمشروعات الطاقة النظيفة أو من خلال وكالات أمريكية مثل مؤسسة تمويل التنمية الدولية الأمريكية. فإن السؤال الأكثر تعقيدا وإلحاحا في الوقت ذاته، هل يمكن للولايات المتحدة ومع دخولها عام الانتخابات الرئاسية أن تلتزم فعلا بتنفيذ ما تعهدت به، وما موقف الإدارة المستقبلية خاصة إذا خسر الديمقراطيون الانتخابات الرئاسية فهل سيلتزم خصومهم إذا ما تولوا السلطة بوعد إدارة بايدن، وحتى إذا ما فاز الديمقراطيون فهل يمكنهم المضي قدما في تحقيق ما تعهدوا به في ظل كونجرس منقسم على ذاته، وسيطرة الجمهورين على مجلس النواب .
  تقول الدكتورة كلير بالدينج أستاذة العلوم السياسية في جامعة مانشستر الاقتصادية: "المشكلة في قضية المناخ أن الولايات المتحدة ليست شريكا موثوقا به بالنسبة لكثيرين، وعديد من المشرعين في الولايات المتحدة ليس لديهم قناعة بقضايا التغيير المناخي، ولا يريدون إنفاق أي أموال على تلك القضية، ويحاولون أن يجدوا مبررات لوقف التمويل، بدءا من طرح شكوك حول الفكرة ذاتها بأن المناخ يتغير، أو التقييم المبالغ فيه في حجم البيروقراطية والفساد داخل المنظمات الدولية المعنية بهذا الملف وفي مقدمتها الأمم المتحدة، أو بروز تيار من أقصى اليمين الأمريكي يدعي أن الدول النامية لا يوجد لديها قدرة حقيقية للاستفادة من المليارات التي ستضح في اقتصاداتها للتحول إلى الطاق المتجددة ودون إبراز الولايات المتحدة جدية حقيقية في التعامل مع الجوانب التمويلية لقضية التغيير المناخي، وتمويل قوي وسريع للبلدان النامية والفقيرة عبر الربط بين قضية التنمية والتخلص من الديون والمناخ، فإن الجهود الدولية للتصدي للتغير المناخي لن تؤتي أكلها".

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن17 أبريل 2024 9:43 صواشنطن: التحديات الدولية والإقليمية وتأثيرها على الأسواق الناشئة محاور مناقشة المشاط ومسئولي البنك الدولي15 أبريل 2024 2:34 ممفاعل الضبعة سيحل أزمة انقطاع الكهرباء بمصر وبدء إنتاج الطاقة بداية 202714 أبريل 2024 3:39 مبطاريات الطاقة الشمسية لتخزين الكهرباء7 أبريل 2024 1:23 مالدولة وضعت الحد الأقصى للاستثمارات العامة بتريليون جنيه لإفساح المجال للقطاع الخاص2 أبريل 2024 1:24 مالتيتانيوم .. السلاح الروسي الذي لا يعرفه احد31 مارس 2024 1:04 مأزمة أدوية تضرب العالم.. 26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية في 2023

التعليقات