أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
28 يناير 2024 10:53 ص
-
التجارة العالمية قائمة على الصراع بمزيد العقوبات التجارية ومراقبة الصادرات في 2024

التجارة العالمية قائمة على الصراع بمزيد العقوبات التجارية ومراقبة الصادرات في 2024

اعداد ـ فاطيمة طيبي  

بعد عامين من صراع البنوك المركزية والحكومات مع التضخم خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، السياسة النقدية المتشددة وصلت لنهايتها، إذ يصعب رفع أسعار الفائدة في 2024.

ـ التضخم ورفع اسعار الفئدة :

بعض الدول قد تواصل رفع أسعار الفائدة محاولة منها لوضع حد للتضخم الذي يلقي بثقله على تكلفة المعيشة.الا ان توقع عدم رفع أسعار الفائدة في 2024، لا يعني تلاشي سلبياتها في  2023  .

هنا يقول الدكتور كريس جون أستاذ الاقتصاد الدولي في مدرسة لندن للتجارة: "توقعاتي بالنسبة لعام 2024 أن يكون هناك مزيد من التركيز على التوازن بين متانة النمو حتى إن لم تكن المعدلات مرتفعة وثبات التضخم والعمل على خفض معدلاته، مع توقعات أن يراوح معدل نمو الاقتصاد العالمي بين 2.6 و2.9 في %،   نتوقع معها أن يتراجع التضخم ما بين 7 و 6.8 %   إلى 5.7 % في 2024  ".

كما يتوقع أن يكون النمو عام 2024 أقوى في الولايات المتحدة والأسواق الناشئة الكبيرة، بينما تتراجع المعدلات في الصين ومنطقة اليورو" .

اما توم ريتشارد الخبير المصرفي، يرى أن البنوك المركزية ستواصل التركيز عام 2024 على استقرار الأسعار، بوصف أن ذلك التحدي الرئيسي الذي تواجهه. وقال إن "البلدان المختلفة تواجه توقعات مختلفة بشأن معدل التضخم لديها، وكل دولة ستعمل على تبني سياسة نقدية تتناسب مع سرعة التعافي الاقتصادي لديها، خاصة مدى ارتفاع أو انخفاض التضخم  ، وستسعى البنوك المركزية إلى إعادة بناء شبكات الأمان المالي، وسيترافق ذلك مع جهود أكثر وضوحا في الاقتصادات الناشئة لتقليص المعوقات البنيوية التي تعيق النمو، وهذا سيكون ضروريا لخفض الديون". مع هذا لا تغيب النبرة التفاؤلية لدي عديد من الخبراء بشأن المشهد الاقتصادي المتوقع عام 2024، وسط تقديرات تشير إلى أن "الجزء الأصعب" قد مر.

ـ خطوة للتوازن  مع ثبات اسعار الفائدة :

بدورها، ذكرت  ماري ألن الخبيرة الاستثمارية والاستشارية في عدد من صناديق التحوط: "الاقتصاد العالمي عام 2024 سيقطع خطوة أخرى في طريق مزيد من التوازن بين العرض والطلب على السلع، والأكثر أهمية أن التوازن بين العرض والطلب في سوق العمل سيستمر في التحسن، واحتمالات الركود ستكون أقل كثيرا في الولايات المتحدة".

كما سيظهر في 2024 استعداد المستهلكين للاستمرار في الاعتماد على فائض المدخرات لديهم، ومن المفترض أن يؤدي ارتفاع الأجور الحقيقية إلى تعزيز الاستهلاك". مع هذا تظهر ماري درجة من درجات التحفظ بتحذير البنوك المركزية بإعلان انتصار سابق لأوانه في المعركة ضد التضخم، ولهذا ترى أن أسعار الفائدة ستبقى ثابتة عند مستوياتها الراهنة لبعض الوقت.

ـ انتعاش سوق التوضيف :

وتبدو سوق العمل الدولية من الأسواق التي تتمتع بآفاق طيبة وواعدة عام 2024، إذ يتوقع أصحاب العمل في جميع أنحاء العالم انتعاش التوظيف في الربع الأول من العام المقبل 2025 ، ولربما يكون النقص في المهارات والمواهب هو العامل الوحيد الذي سيؤثر سلبا في سوق العمل الدولية.

من ناحيته، أوضح  ريبن ريد الباحث السابق في منظمة العمل الدولية وأستاذ اقتصادات العمل في جامعة جلاسكو، أن "توقعات صافي التوظيف في الربع الأول تبلغ 26 % بزيادة 3 % على أساس سنوي، لكن بانخفاض 4 % عن الربع الأخير من عام 2023 . كما ان التوظيف سيكون في أقوى معدلاته في أمريكا الشمالية بنسبة 34 %، تليها آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 30 %، وأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا 23 %".

وحول أبرز القطاعات الاقتصادية التي ستقوم بالتوظيف، قال:"قطاع تكنولوجيا المعلومات سيكون أفضل القطاعات توظيفا على المستوى الدولي، بنسبة زيادة 36 % يليه القطاع المالي والعقاري بنسبة 34 %وخدمات الاتصالات بنسبة 31 % والرعاية الصحية وعلوم الحياة والصناعة بنسبة 28 % .اما عالميا سيزيد الطلب على العمالة المختصة خاصة في البلدان المتقدمة وتحديدا في تكنولوجيا المعلومات والبيانات والهندسة والمبيعات والتسويق، حيث أن  نقص المواهب أحد التحديات الأكثر إلحاحا عام 2024، وتلك المشكلة مستمرة منذ أعوام عدة ولا تقتصر على مناطق معينة، كما أنها تشكل عقبة كبيرة أمام نمو الأعمال".

ـ نمو اداء  الاقتصاد عن التجارة في 2024 :

أحد إيجابيات المشهد الاقتصادي المتوقع عام 2024، أن يتراجع أو حتى يختفي الانفصال الذي شاهده العام الحالي بين أداء الاقتصاد العالمي وأداء التجارة العالمية، ففي عام 2023 نما الاقتصاد العالمي بنحو 3 % تقريبا، بينما لم يزد نمو التجارة الدولية على 0.8 %.

هذا المشهد ووفقا لبيانات منظمة التجارة العالمية سيتغير، إذ يتوقع أن يرتفع نمو التجارة العالمية إلى 3.3 % مع نمو مستقر للناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2.5 %، وهذا يعني أن التجارة العالمية ستكون أسرع نموا من الناتج المحلي الإجمالي، وستكون القارة الآسيوية المنطقة الأسرع نموا في كل من الصادرات والاستيراد على المستوى الدولي.

وهنا ترى الدكتورة آبي أندرسون أستاذة التجارة الدولية في جامعة لندن، أن هذا التحسن في التجار الدولية سيظل يواجه بخطاب رافض للعولمة، وهو الخطاب الذي اكتسب زخما سياسيا واقتصاديا في الأعوام الأخيرة.

وقالت إن "الخطاب القومي الشعبوي في المجال السياسي هيمن على عديد من البلدان، وأسهم في تنامي الأفكار الحمائية التي يتوقع أن تواصل النمو عام 2024، يضاف إليه الضغوط التضخمية في الاقتصاد الدولي والصراعات الجيوسياسية".

وتلقي الدكتورة آبي أندرسون بالمسؤولية في ذلك على الإدارة الأمريكية وتبنيها ما تصفه بـ"سياسة الردع عن طريق الحرمان" لتقييد الخصوم وهو النهج الذي اتبعته مع روسيا والصين، حيث تستخدم قيود مراقبة الصادرات على التكنولوجيا والسلع ذات الاستخدام المزدوج كوسيلة لمنع خصومها من التقدم.

أشارت إلى أن خلفية التجارة العالمية في العام الجديد قائمة على الصراع، ويمكن أن يشهد العالم مزيدا من العقوبات التجارية وتشديدا لأنظمة مراقبة الصادرات.

ـ دمج الذكاء الاصطناعي في منظومة الاقتصاد والتجارة:

ووسط تلك التقديرات، يرى عدد ملحوظ من الخبراء أن بعد عام من الإنجازات الكبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، إن المستثمرين والشركات الدولية سيعملون عام 2024 على مزيد من دمج الذكاء الاصطناعي في منظومة الاقتصاد والتجارة الدوليين. وسيحقق الذكاء الاصطناعي مزيدا من الازدهار، ما يساعد في نهاية المطاف على زيادة الإنتاجية العالمية، بل ربما يرسي اللبنات الأولى للمساعدة في مواجهة التحديات الناجمة عن التركيبة السكانية غير المواتية في بعض الاقتصادات المتقدمة مثل اليابان وألمانيا. وترتبط تلك الرؤية للدور الذي سيلعبه الذكاء الاصطناعي عام 2024 بتساؤلات حول الصناعات التي يمكن أن تكون لديها فرص استثمارية أكبر.

من جانبه، ذكر أندي مارتن رئيس قسم البحوث في اتحاد الصناعات البريطانية، أن "صناعة أشباه الموصلات والشركات التي تنتج معدات لتصنيع أشباه الموصلات وهي الأجهزة التي يقوم عليها بناء الذكاء الاصطناعي بالكامل، ستكون موضع التركيز في العام الجديد. كما ان الإنفاق الرأسمالي على أحدث المعدات المستخدمة لإنتاج أشباه الموصلات، سيتزايد، ويرجع ذلك إلى تقدم الذكاء الاصطناعي الذي يتطلب تصاميم جديدة للرقائق وإعادة إنتاج أشباه الموصلات من قبل البلدان المتقدمة للمساعدة في مرونة سلاسل التوريد الخاصة بها".

ـ الرعاية الصحية :

وأشار مارتن إلى أن الرعاية الصحية صناعة ستحظى أيضا بكثير من الاهتمام، نظرا لتنامي قدرة الذكاء الاصطناعي على تحويل البيانات البيولوجية المعقدة إلى رؤية ذات معنى، وسيترتب على ذلك تطوير في صناعة الأدوية والتكنولوجيا الطبية والرعاية الصحية الرقمية، وبذلك سيكون العام الجديد مليئا بالفرص الاستثمارية الأكثر ارتباطا بالذكاء الاصطناعي.

دخل العالم عام 2024 ومناخ من التفاؤل النسبي يهيمن على رؤية كثير من الخبراء بأن المشهد الاقتصادي سيكون أفضل، تلك الصورة المشرقة تعزز من مناخ الثقة لدى رجال الأعمال والمستثمرين والشركات الكبرى، ثقة ربما تحفزهم على ضخ مزيد من الاستثمارات في الأسواق.

لكن تلك الصورة الإيجابية لا يجب أن تنسينا أن الطريق غير ممهد بعد، وأن هناك كثيرا من التحديات أمامنا، ربما يكون أكثرها شراسة معدلات تضخم تعاند في تراجعها، وتواصل ممارسة الضغط على مستويات المعيشة وتكلفة الحياة اليومية لمئات إن لم يكن مليارات من البشر، ومعدلات نمو تعاند هي الأخرى في أن ترتفع إلى مستويات أعلى.

 

 

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن17 أبريل 2024 9:43 صواشنطن: التحديات الدولية والإقليمية وتأثيرها على الأسواق الناشئة محاور مناقشة المشاط ومسئولي البنك الدولي15 أبريل 2024 2:34 ممفاعل الضبعة سيحل أزمة انقطاع الكهرباء بمصر وبدء إنتاج الطاقة بداية 202714 أبريل 2024 3:39 مبطاريات الطاقة الشمسية لتخزين الكهرباء7 أبريل 2024 1:23 مالدولة وضعت الحد الأقصى للاستثمارات العامة بتريليون جنيه لإفساح المجال للقطاع الخاص2 أبريل 2024 1:24 مالتيتانيوم .. السلاح الروسي الذي لا يعرفه احد31 مارس 2024 1:04 مأزمة أدوية تضرب العالم.. 26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية في 2023

التعليقات