أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
16 مارس 2024 1:12 م
-
التفكير بالذهب كبوليصة تأمين

التفكير بالذهب كبوليصة تأمين

اعداد ـ فاطيمة طيبي

وفقا لمجلس الذهب العالمي، فقد اشترت الصين 225 طنا من الذهب خلال عام 2023، وواصلت الشراء خلال شهري يناير وفبراير من العام الجاري، للشهر الـ 16 على التوالي، حيث أضافت الصين 22 طنا من الذهب إلى احتياطاتها الذهبية خلال العام الجاري، ليصل إجمالي الاحتياطي إلى 2257 طنا ذهب، وفقا لـ "بلومبرغ".

فيما بلغت إجمالي مشتريات البنوك المركزية من الذهب خلال عام 2023، نحو 1037 طنا، بحسب بيانات مجلس الذهب العالمي، وهو ما يرسل رسالة مفادها أن النظام المالي العالمي على وشك التغيير، وفقا لما ذكرته رونا أوكونيل، رئيسة تحليل السوق في StoneX Financial.

كما كثفت معظم البنوك المركزية على مستوى العالم مشترياتها من الذهب كاستراتيجية للتنويع بعيدا عن الدولار، في ضوء المخاوف بشأن العجز المالي المستمر في الولايات المتحدة والضغوط التضخمية، بحسب ما ذكره موقع  "Oil Prices .

يأتي ذلك، على الرغم من استقرار الدولار وارتفاع العائدات الحقيقية، فإن أسعار الذهب واصلت القفز إلى أعلى مستوياتها منذ 50 عاما مقابل معظم العملات الرئيسية، ولم يكن ذلك مدفوعا بصناديق الاستثمار المتداولة أو الشراء الموسمي، بل بمشتريات البنوك المركزية بحسب الموقع المتخصص في أسعار السلع.

وتؤكد الزيادة في حيازات البنوك المركزية من الذهب، ولا سيما في الصين وألمانيا وتركيا، على اتجاه أوسع نحو حماية الأصول الاحتياطية من الانخفاض المحتمل في قيمة الدولار ومخاطر النظام المالي.

ـ راحة مع التضخم :

يشعر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، ببعض الراحة إزاء التضخم - مع تصريحاته الأخيرة التي كرر فيها أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يسير على الطريق الصحيح لخفض أسعار الفائدة هذا العام ـ لكن البنوك المركزية الأخرى ليست مرتاحة للغاية.  يشير الارتفاع الجديد للذهب إلى أن البنوك المركزية العالمية تقوم بتجميع المعدن النفيس في محاولة للتنويع بعيدا عن الدولار، حيث يهدد العجز المالي الضخم المستمر بزيادة تآكل قيمته الحقيقية ويؤدي إلى المزيد من التضخم.

وكانت حركة الذهب في الأيام الأخيرة واسعة النطاق وواضحة، حيث وصل المعدن الثمين إلى أعلى مستوياته خلال 50 عاما مقابل ثلاثة أرباع عملات الدول النامية والأسواق الناشئة الرئيسية. وفيما كانت أكبر حيازات للذهب مرتبة كالتالي؛ الحلي، وصناديق الاستثمار المتداولة والسبائك والعملات المعدنية - تليها حيازات الاحتياطيات الرسمية للبنوك المركزية، بحسب "Oil Prices".في السنوات الأخيرة، كانت بلغت حيازات صناديق الاستثمار المتداولة، والتي كانت أكبر مشتر للمعدن النفيس نحو 2500 طن من الذهب. لكن حيازات صناديق الاستثمار المتداولة تراجعت حتى مع ارتفاع سعر الذهب بالدولار.

في الفترة التي سبقت الوباء، ومرة أخرى في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، عززت البنوك المركزية العالمية حيازاتها من الذهب حتى مع قيام مستثمري صناديق الاستثمار المتداولة (ربما المنبهرين بالأضواء الساطعة للعملات المشفرة) بتخفيض ممتلكاتهم.وعلى مدى الأشهر الستة الماضية، قامت الصين وألمانيا وتركيا بزيادة حيازاتها من الذهب بأكبر قدر.

وتسعى البنوك المركزية إلى امتلاك الذهب لأنه أحد الأصول الصلبة، وليس جزءا من النظام المالي عند امتلاكه بشكل مباشر. لكن السبب المهيمن هو الرغبة في التنويع بعيدا عن الدولار. خاصة إذا لم تكن على علاقة ودية مع الولايات المتحدة، فهذه طريقة لتجنب الاستيلاء على أصولك الاحتياطية، كما حدث لروسيا.

ولكن البنوك المركزية في كل مكان ربما تشعر بعدم الارتياح إزاء امتلاك عدد أكبر مما ينبغي من الدولارات في حين تعاني الولايات المتحدة من عجز مالي ضخم يؤدي إلى التضخم. إن قيمة الدولار مبالغ فيها هيكليا على أساس تعادل القوة الشرائية مقابل العملات الرئيسية في الدول المتقدمة.

ـ مخاوف تدفع إلى البحث عن الملاذات الآمنة :

على الجانب الآخر، أشار تقرير لوكالة "بلومبرغ"، إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية، وحرب غزة، وهجمات الحوثيين على أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، تشكل مخاوف تدفع إلى البحث عن الملاذات الآمنة في الذهب، مثلما حدث في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، إلا أن نسبة ارتفاع الذهب حالياً لا تزال بعيدة عن زيادة بلغت 600% وقتها.

ـ تحذير الخبراء من كارثة اقتصادية قادمة :

ارتفعت أسعار الذهب لتسجل أرقاما قياسية جديدة في السادس من شهر مارس الحالي ، وتتجه لتسجيل صعودها اليومي السابع على التوالي، وسط بيانات اقتصادية أميركية ضعيفة ومؤشرات من رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول بشأن تخفيضات محتملة لأسعار الفائدة في الأشهر المقبلة إذا انحسر التضخم.

وعادة ما تعتبر ارتفاعات الذهب هذ بمثابة إشارة "سيئة" للعالم، إذ إن المعدن الأصفر يرتفع عندما تكون الأصول الأخرى - والعالم - في ورطة. ونتيجة لذلك، يجب على المشترين المحتملين توخي الحذر، كما يقول الخبراء. كما ارتفعت الأصول التي تعتبر ملاذا آمن في الأشهر الأخيرة وسط استمرار الحروب في أوكرانيا وغزة، وترقب الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، وعدم اليقين بشأن أسعار الفائدة والتضخم.

ومؤخرا، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من نشوب صراع نووي و"تدمير الحضارة" إذا أرسلت دول أخرى قوات جماعية إلى أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، يشعر الخبراء بالقلق من أن دونالد ترامب سيحاول سحب الولايات المتحدة من الناتو إذا أعيد انتخابه، الأمر الذي قد يزيد من المخاطر الأمنية في جميع أنحاء العالم.

تاريخيا، شهد سوق الذهب أداء جيدا خلال فترة الركود الكبير وبداية تفشي فيروس كورونا - مما يزيد من مخاوف الأسواق حاليا. وبحسب تقرير لـ"CNBC" الأميركية يتوقع بعض خبراء وول ستريت استمرار الارتفاع الحالي، وسط تقديرات بأن ترتفع قيمة المعدن إلى 2300 دولار أو أعلى خلال الـ 12 إلى 16 شهرا القادمة. ويقول الخبراء إن عوائد الذهب مع مرور الوقت تكون هزيلة. وعلى الرغم من الارتفاعات القصيرة، فإن متوسط العائدات السنوية للذهب تتخلف كثيرا مقارنة بالأسهم والسندات، وفقا للخبراء.

وقال دوج بونيبارث، وهو مخطط مالي ومؤسس ورئيس شركة "Bone Fide Wealth":  عندما تتقلب الأمور، يعتقد المستثمرون أن أموالهم ستكون في وضع أفضل هناك . اذ لم يكن الذهب دائما مخزن القيمة الذي كان الناس يأملون أن يكون عليه" حيث ارتفع الذهب خلال القرن الماضي بنحو 1% فقط سنويا في المتوسط.

وللمقارنة، فإن استثمار قدره 10 آلاف دولار في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" في 5 مارس 2014 - أي قبل عقد من الزمن - قد أصبح قيمته عند حوالي 32 ألف و700 دولار حاليا خلال نفس الفترة الزمنيية، كان من الممكن أن ينمو الاستثمار المعادل في الذهب إلى ما يقرب من 14 ألف و700 دولار، وفقا للبيانات المقدمة من "Morningstar Direct".

يقول أنتوني سكاراموتشي إن عملة بيتكوين يمكنها بالتأكيد أن تحل محل الذهب أو تكون بجانبه كمخزن للقيمة. وفي الوقت نفسه، أنتجت صناديق الذهب المتداولة في البورصة SPDR Gold Shares وiShares Gold Trust  متوسط عائد سنوي يقارب 4% منذ عام 2014، مقارنة بحوالي 13% لمؤشر S&P 500، حسبما وجدت "Morningstar Direct".

ـ التفكير بالذهب كبوليصة تأمين :

وقال بيرنشتاين إنه في بعض النواحي، يجب على المستثمرين أن يفكروا في شراء الذهب بنفس الطريقة التي قد يقومون بها بالتأمين على منازلهم. عادة ما يكون أداء المعدن الأصفر جيدا عندما تكون الأصول المالية الأخرى في المنطقة الحمراء، وخاصة عندما يفقد الناس الثقة في البنوك والأموال.

وقال: "عندما يتدهور كل شيء آخر، فإن الذهب هو الشيء الوحيد الذي من المرجح أن يحقق نتائج جيدة. التأمين على المنزل له أيضا عائد مرتفع عندما تتعرض لحريق". وأضاف، كما تدفع مقابل حماية التأمين على المنزل، فإنك تدفع تكلفة امتلاك الذهب، تلك العوائد الزهيدة في الأوقات العادية. ومع ذلك، قد يقرر بعض المستثمرين تخصيص جزء صغير من محفظتهم الاستثمارية للذهب - يوصي الخبراء بإبقائه أقل من 5% - كتأمين ضد الكوارث الاقتصادية، كما قال بيرنشتاين.


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن17 أبريل 2024 9:43 صواشنطن: التحديات الدولية والإقليمية وتأثيرها على الأسواق الناشئة محاور مناقشة المشاط ومسئولي البنك الدولي15 أبريل 2024 2:34 ممفاعل الضبعة سيحل أزمة انقطاع الكهرباء بمصر وبدء إنتاج الطاقة بداية 202714 أبريل 2024 3:39 مبطاريات الطاقة الشمسية لتخزين الكهرباء7 أبريل 2024 1:23 مالدولة وضعت الحد الأقصى للاستثمارات العامة بتريليون جنيه لإفساح المجال للقطاع الخاص2 أبريل 2024 1:24 مالتيتانيوم .. السلاح الروسي الذي لا يعرفه احد31 مارس 2024 1:04 مأزمة أدوية تضرب العالم.. 26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية في 2023

التعليقات