أبحاث


كتب فاطيمة طيبى
17 مارس 2024 12:51 م
-
امريكا برئاسة بايدن أو ترمب الحرب التجارية مع الصين مستمرة

امريكا برئاسة بايدن أو ترمب الحرب التجارية مع الصين مستمرة

اعداد ـ فاطيمة طيبي

في بلد يسوده حاليا استقطاب شديد على مختلف المستويات، ثمة موضوع واحد يلتقي حوله الجمهوريون والديموقراطيون، وهو السياسة تجاه الصين التي لا يمكن برأي الخبراء سوى أن تزداد تشددا سواء عاد الجمهوري ترمب إلى البيت الأبيض أو بقي فيه الديموقراطي جو بايدن لولاية ثانية. وقال جوشوا ميلتزر الباحث في معهد بروكيجز للدراسات "أرى أن الضغط لا يمكنه إلا أن يذهب في اتجاه واحد في واشنطن، نحو مزيد من الهجومية" تجاه الصين .

 ـ حرب تجارية على وقع رسوم جمركية :

 ما تشهده من تطورات سياسة أمريكا تجاه الصين من حرب تجارية على وقع رسوم جمركية مشددة في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، إلى إجراءات هادفة تفرض على قطاع التكنولوجيا أو على الاستثمارات في عهد جو بايدن، ومن المتوقع أن يستمر اختبار القوة أيا كان الفائز في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم 2024

أبقى بايدن عند وصوله إلى البيت الأبيض في 2021، على الرسوم الجمركية المشددة التي فرضها سلفه، وأضاف إليها سلسلة من التدابير المحددة الأهداف قلصت من إمكانية حصول بكين على التكنولوجيا المتطورة ولا سيما في مجال بعض الرقائق الإلكترونية وحدت من الاستثمارات الأمريكية في هذا البلد. وبموازاة ذلك، شجعت الإدارة الأمريكية نقل أنشطة الشركات إلى الولايات المتحدة، كما يسعى المسؤولون إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي في مجالات أساسية بما فيها إمدادات الطاقة النظيفة.

وقال ميلتزر : "هناك حاليا ضغوط في الكونجرس للمضي أبعد". وإن كان الحزبان يتفقان على الخطوط العريضة، إلا أنهما يختلفان حيال النهج الواجب اتباعه، على ما أوضح جاميسون غرير المحامي في مكتب "كينغ أند سبالدينغ" الدولي. وقال الممثل السابق للتجارة في البيت الأبيض في عهد ترمب إن هناك من جهة الذين يعدون أن الصين تطرح خطرا وجوديا على الولايات المتحدة سواء على الصعيد الاقتصادي أو على الصعيد الأمني، وهناك من جهة أخرى الذين يحذرون من المبالغة في تقدير حجم الخطر الصيني، ما سيؤدي إلى عواقب تضر بالتجارة والاقتصاد.

 ـ  ضم الشركاء أو الانعزال :

لكن بمعزل عن الاختلافات، فإن الطرفين يعدان أن الصين تطرح مخاطر، وهو توجه طغى على الحزبين منذ نحو عشرة أعوام. ورأى جاميسون جرير أن "هذا تصاعد خلال حملة الانتخابات الرئاسية عام 2016، حين تناول المرشح دونالد ترمب في العلن المسائل التجارية، وتحديدا الصين". وأضاف أن ترمب جاهر بأمر كان العديدون "موافقين عليه من الطرفين" من دون أن يعبروا عنه.

ورأى جوشوا ميلتزر أن جو بايدن لا يتوقع "التوصل إلى اتفاق مع الصين تقوم بموجبه بهذه الإصلاحات والتغييرات الكبرى"، بل ستسعى إدارته بالأحرى إلى "التكيف مع واقع الصين" و"ضم الحلفاء إليها"، مع العمل على "خفض المخاطر من الناحية الأمنية أيضا". في المقابل، عد الباحث أن ترمب سيعمد إلى تشديد الضغط على الصين لحملها على تطوير موقفها، وهو ما يتفق مع النهج الذي اتبعه خلال ولايته الرئاسية ومع اتفاق تجاري انتزعه مع الصين في ظل التصعيد حول رسومه الجمركية المشددة.

وأعلن ترمب الذي يرجح أن يفوز بالترشيح الجمهوري للبيت الأبيض، منذ الآن أنه يعتزم فرض رسوم جمركية بنسبة 60 %، في زيادة يتوقع أن يقابلها رد صيني، ما يهدد بحسب الخبراء بشل التجارة بين القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم. وحذر جوشوا ميلتزر "أظن أننا سنرى عودة أكبر بكثير إلى الرسوم الضريبية، أظن أننا سنرى كذلك تعاونا أقل بكثير مع الحلفاء" مضيفا أن "الولايات المتحدة ستكون أكثر عزلة بكثير حول بعض هذه المسائل".

ـ تدابير جديدة  تحددة الهدف :

أما جو بايدن، فمن المتوقع في حال فوزه بولاية ثانية أن يواصل سياسته الحالية القاضية باتخاذ تدابير محددة الهدف، يقابلها تعزيز التعاون مع الصين حول مسائل مثل التغير المناخي وإيجاد هامش أكبر للتفاوض مع زوال ضغط الحملة الانتخابية الذي يدفعه إلى الظهور في موقع متشدد تفاديا لانتقادات معسكر ترمب.

ـ كيف تنظر الصين لسيناريو عودة "ترامب" للسلطة :

 مع تجدد ماراثون الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية والمقررة في الخامس من نوفمبر من العام الجاري، يتصدر مستقبل العلاقات بين الصين وأميركا أولويات أجندة وبرامج المرشحين المحتملين في السباق الانتخابي.

وتترقب بكين ما سوف تسفر عنه نتائج تلك الانتخابات، على اعتبار أن هوية حاكم البيت الأبيض تؤثر تأثيرا مباشرا على العلاقات، ذلك أن وجود ترامب يعني الكثير من "الصداع" بالنسبة لبكين، وهو الرجل المعروف بسياساته التصعيدية ضد الصين، وقد فرض حزما من الرسوم على بضائعها مشعلا خلال فترة رئاسته السابقة  فتيل حرب تجارية بين البلدين .

الخوف من عودة ترامب لا يعني في الوقت نفسه ترحيبا ببقاء بايدن الذي حافظ على سياسات متشددة إزاء الصين وعلى الرسوم المفروضة، وهو ما يكشف حجم المعضلة التي تواجهها بكين. وفي مواجهة مبكرة، قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إنه سيفرض رسوما جمركية على الصين مجددا حال فوزه في انتخابات الرئاسة المقررة في نوفمبر.

ترامب في مقابلة بثت على قناة "فوكس نيوز": "علينا أن نفعل ذلك... أعني، انظروا، سوق الأوراق المالية كادت أن تنهار عندما أُعلن عن فوزي في الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا بعدد قياسي من الأصوات". وعندما فزت في نيوهامبشير بعد ذلك، انخفضت سوق الأسهم بجنون"، في إشارة إلى سباق الترشح لنيل ترشيح الحزب الجمهوري في الولايتين في شهر يناير 2024

وردا على سؤال عن تقرير أشار إلى أن ترامب يفكر في فرض رسوم جمركية بنسبة 60 % على البضائع الصينية حال انتخابه، قال الرئيس السابق "لا، أود أن أقول ربما ستكون (الرسوم) أكثر من ذلك". ورفض ترامب فكرة أنه سيخوض حربا تجارية أخرى مع الصين، وقال في المقابلة   "إنها ليست حربا تجارية. لقد قمت بعمل رائع مع الصين في كل شيء وأريد أن يكون أداء الصين عظيما، أريد ذلك. وأنا أحب الرئيس شي كثيرا. لقد كان صديقا جيدا لي خلال فترة ولايتي".

ـ ترقب صيني :

مسألة فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية في 2024 وعودته للسلطة تثير مخاوف الصين بشكل كبير؛ خاصة مع عزمه فرض رسوم جمركية على البضائع الصينية مرة أخرى بما يتجاوز 60 % كما تعهد أخيرا.

فترة ترامب الأولى شهدت زيادة الرسوم الجمركية، وهو ما أوجد حالة من الحرب التجارية مع الصين كما أثار "نظرية المؤامرة" على غرار القول بان فيروس كورونا كان متعمدا نشره في العالم مع مطالبة الصين بدفع تكلفة الخسائر الاقتصادية لتفشي الوباء! كما ان الرئيس السابق دونالد ترامب يتبنى نظرية مؤامرة أخرى وهي سرقة الصين الوظائف من الولايات المتحدة خاصة فيما يتعلق بصناعة الرقائق الإلكترونية التي تدخل في أجهزة الكمبيوتر والسيارات وعديد من الصناعات.

اضف أن الفترة الحالية تشهد تصاعدا في هجوم الرئيس الأميركي السابق لسياسات بايدن واتهام الديمقراطيين بالضعف تجاه الصين التي ينظر إليها باعتبارها المنافس العالمي للولايات المتحدة والتي تسعى لتعزيز نفوذها في منطقة المحيطين الهندي والهادي، وفي منطقة الشرق الأوسط في منافسة مع النفوذ الأميركي، كما لديها علاقات قوية مع كوريا الشمالية، وهو ما يعكس تخوف المحللين العسكريين من اندلاع حرب محتملة بين الولايات المتحدة والصين بشكل غير مباشر.

ووفقا لتقرير صادر عن جولدمان ساكس، فإن عددا كبير من المستثمرين الصينيين تحدثوا عن شعورهم بالقلق من عودة ترامب المحتملة للبيت الأبيض وما سيتخذه من سياسات "عدوانية" تجاه الصين وتأثير ذلك على سوق الأسهم الصينية وتوقعات الانكماش الاقتصادي.

ـ ما رغبة الصين في  حالة استمرار إدارة بايدن ؟ :

الصين ترى أنها أمام خيار بين شخصين كلاهما سيء لمصالحها، خاصة عقب هجوم بايدن على الرئيس الصيني ووصفه علنا بالديكتاتور. وتراقب بكين بقلق مباراة العودة بين ترامب وبايدن وتتوقع أن يتحدث كلا المرشحين بلهجة صارمة وهجومية خلال الحملات الانتخابية في سباق لإظهار سياسات مشددة وحازمة تجاه الخصم الصيني بما يحقق له دعاية انتخابية.

ومسألة من سيتولي منصب الرئاسة في البيت الأبيض يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة ليس فقط على العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بل على آفاق السلام في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. وخلال العام الماضي 2023 تعددت لقاءات المسؤولين الأميركيين بنظرائهم الصينيين، وتوجت بلقاء القمة بين الرئيسين الأميركي والصيني، وهي اللقاءات التي كان من بين أبرز محاورها الحفاظ على علاقات علاقة تجارية واستثمارية صحية وسط تنافسهم الإستراتيجي المتزايد، مع تعزيز قنوات الاتصال، من أجل إذابة الجليد في العلاقة بين البلدين.

ـ تصريحات انتخابية :

عضو الحزب الديمقراطي الأميركي والمحلل السياسي، مهدي عفيفي، يرى أن العلاقات بين الدول لها أهداف قصيرة وطويلة الأمد، لذلك يتعين وضع تصريحات ترامب حول الصين تجاه فرض مزيد من الرسوم على بضائعها حال فوزه على أنها مجرد دعاية انتخابية ربما ليست قابلة للتطبيق. أضاف أنه في حال فوزه  ترامب  بالانتخابات ومحاولته فرض شروط جزائية أو ضرائب وجمارك جديدة، ستتجه الصين على الفور بتطبيق نفس الشيء، وهو ما سينعكس سلبا على الجانب الأميركي في هذه الحالة وليس الصيني.

وأشار إلى أن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة أساسها علاقات تجارية "لذلك أعتقد بأنه حال فوز ترامب لن تتاثر بشكل كبير بل سيحاول الاستفادة منها في مجالات كثيرة.. ولذلك لابد من التمييز بين التصريحات السياسية والانتخابية والواقع الاقتصادي". ووصف عفيفي العلاقة بين واشنطن وبكين بـ "علاقة انتفاع" تشوبها بعض المشكلات، مشيرا لحجم التبادل التجاري بين البلدين.

وتشير آخر البيانات "السنوية" المتوفرة لحجم التجارة بين الصين والولايات المتحدة، إلى أن التجارة بين البلدين سجلت رقما قياسيا بلغ 690.6 مليار دولار أميركي في العام 2022، وهذا يشير إلى نمو تجاري قوي وسط خطاب فك الارتباط. فيما كشفت بيانات للإدارة العامة للجمارك الصينية انخفاض حجم التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة في النصف الأول من 2023، بنسبة 14.5% إلى 327.264 مليار دولار.

ـ مستقبل العلاقات في يد الصين :

أما المستشار السابق بوزارة الخارجية الأميركية، حازم الغبرا، فأوضح في تصريحات له أن: مستقبل العلاقة بين البلدين، سواء في حال فوز الرئيس بايدن بالإنتخابات أو الرئيس السابق ترامب، لا علاقة له بالنتائج بل مستقبلها في يد الصين عمليا.

هناك عدة مشاكل أساسية مع الصين "سهلة الحل".. جميع حلولها في يد الصين، بداية من ضرورة توقف الصين عن أعمال التجسس على الولايات المتحدة كحكومة وشركات، واحترام حقوق الملكية الفكرية الأميركية، لاسيما وأن الصين أصبحت سوق عالمية للبضائع والأشكال المقلدة من ملابس وغيرها وهو أمر غير مقبول. هناك أيضا مشاكل تتعلق بضرورة توقف الصين عن تهديد جيرانها خصوصا تايوان، وتهديد السلم في منطقة آسيا والعالم وهذه أمور أساسية.بجانب أمور تقنية اقتصادية تتعلق بالمنافسة ولكن هذه أمور تحل. وأكد أن الولايات المتحدة ليست لديها مشكلة من وجود منافس لها، بل المشكلة تتمثل في وجود منافس "ذات طرق ملتوية وأساليب غير قانونية"، وهو ما يعد أساس المشاكل مع الصين، وهو ما نتمنى أن نرى تغيير ملموس من الطرف الصيني.

 


أخبار مرتبطة
 
24 أبريل 2024 3:33 متحالف صيني يرغب في إنشاء مدينة نسيجية متكاملة باستثمارات 300 مليون دولار23 أبريل 2024 3:14 موزير المالية: زيادة مخصصات الأجور إلى 575 مليار جنيه في العام المالي الحالي22 أبريل 2024 2:33 متوقعات صندوق النقد الدولي بارتفاع النمو العالمي في 2024 إلى 3.2%21 أبريل 2024 3:12 ملقاءات وزير المالية على هامش اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن17 أبريل 2024 9:43 صواشنطن: التحديات الدولية والإقليمية وتأثيرها على الأسواق الناشئة محاور مناقشة المشاط ومسئولي البنك الدولي15 أبريل 2024 2:34 ممفاعل الضبعة سيحل أزمة انقطاع الكهرباء بمصر وبدء إنتاج الطاقة بداية 202714 أبريل 2024 3:39 مبطاريات الطاقة الشمسية لتخزين الكهرباء7 أبريل 2024 1:23 مالدولة وضعت الحد الأقصى للاستثمارات العامة بتريليون جنيه لإفساح المجال للقطاع الخاص2 أبريل 2024 1:24 مالتيتانيوم .. السلاح الروسي الذي لا يعرفه احد31 مارس 2024 1:04 مأزمة أدوية تضرب العالم.. 26 دولة أوروبية أبلغت عن نقص في الأدوية في 2023

التعليقات