مقال رئيس المركز


كتب فاطيمة طيبى
24 يناير 2023 1:28 م
-
حتى لا تدخل ازمة التضخم منعطفا جديدا

حتى لا تدخل ازمة التضخم منعطفا جديدا

بقلم ـ   الدكتور خالد الشافعي

التغير السريع تعبر عنه الارقام ، وعدم ثبات توقعاتها لها اسبابها الكثيرة  اشدها اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية، والتي قلبت حال الاقتصاد العالمي رأسا على عقب. تبخرت بسببها كل التوقعات الاقتصادية واصبح كل شخص في اي رقعة من العالم له ما يؤرقه من هذه التوقعات من ارتفاع اسعار الغذاء واشياء اخرى كثيرة ، كما أصبح العالم كله يكافح ضد الركود التضخمي الذي اصبح يخيم وبشكل سودوي على آمال عريضة للنمو القوي في دول كثيرة .حيث  تاثر بهذا الشكل من التارجح لعدم يقينية الوفرة بالمعلومات وعدم استقرار الوضع العام الاقتصادي، فالتضخم أصبح واقعا اقتصاديا عالميا سلبيا بكل ما يحمله من قلق وتوتر.

اولائك من يحملون على عاتقهم مسئولية الخروج من هذا المازق سن قوانين جديدة تمكنهم من السيطرة على الوضع في جو تشعبت فيه القرارات وتعددت بين نفقات الأكل والمسكن،من جهة وبين معالجة اضطرابات البنوك المركزية في اتخاذ قرارات واضحة بشأن رفع أسعار الفائدة من جهة اخرى لتجنب ركود تضخمي طويل الأجل.

حالة الاضطراب الكلي التي يعيشها الاقتصاد العالمي المريض السبب المباشر فيها قرار المركزي الأمريكي  حين رفع أسعار الفائدة تلتها مجموعة من التداعيات على نفس المنهج وها هو ذا قرر البنك المركزي الأوروبي يرفع سعر الفائدة بواقع 25 نقطة أساس في منتصف شهر يوليو من السنة الماضية  اضف اليها اضطرابات في تصريحات للنخب الاقتصادية وعلى راسهم رئيسة البنك المركزي الأوروبي والنتيجة هنا لم تصنعها الصدفة بل تعود الأسباب الكامنة في هذا الاضطراب إلى أن البنوك المركزية العالمية هي الأخرى مضطربة وتتسارع من وتيرة تشديد السياسة النقدية.

الاضطرابات بشأن التضخم  لا تجد سقفا لها عند هذا الحد المشكلة أعمق من ذلك، فهناك تحذيرات صدرت من الحلف الأطلسي تقول  بأن الحرب في أوكرانيا قد تستمر أعواما.

اود ان اقول ان اضطرابات الإمداد بعد الوباء، وحزم التيسير المالية، وصدمة الطاقة ونقص العمالة، أدت  إلى حدوث عاصفة شبه كاملة تسببت في ارتفاع الأسعار. وبالتالي، فإن سرعة انخفاض التضخم قد لا تعتمد فقط على ما تفعله البنوك المركزية، ولكن أيضا على كيفية تأثير هذه العوامل مجتمعة من  الاضطرابات وصدمات الطاقة وارتفاع الأجور على الاقتصادات على جانبي المحيط الأطلسي.

من ناحية اخرى نلاحظ ان العالم الغني تاثر بصورة اخرى من اثار الوباء في طريقة الاستهلاك وفلسفة العيش كل ذلك تم في زمن قياسي كان يستوجب سنوات للاستجابة لهذا التغيير .. هذا التغيير الذي معه زاد تنوع الكثير من القرارات من حكومات امريكا واوروبا  في البحث عن الملاذ الاخر في دعم التقنيات الخضراء على نطاق غير مسبوق والبحث في تنقلات جديدة بها ينمو الاقتصاد بعيدا عن اي اضطرابات تستهدفه نحو التقلص والرجوع او الاندثار .

نقطة اخرى في هذا الجو المتغير المتسارع كيف يمكن ان تتغير بيئة العمل والبحث عن وظائف جديدة او الاستثمارات في برامج جديدة اقتصادية وانتاجية ان يتم في وقت قياسي هو في الاساس يستغرق وقتا طويلا ليكتمل ،والتنقل الى وظيفة جديدة بالنسبة للعمال يحتاج الى رفع في الاجور لذلك ان هذا التغير والتحول بالكامل قد يؤدي في بعض من الاقتصادات الى وجود شكل ثان من التضخم .

في هذا التغير الجوهري تاتي دور السياسات المختلفة كما حدث مع السياسات الحكومية في كل من امريكا واوروبا على نوع التغير بالتكيف السريع مع هذه  المتغيرات المفاجئة  من اجازات طويلة المدى الى عمل من منازلهم لتبقي على الشكل الوظيفي للعمال دون التضحية بالخبرة والاقدمية في حين ما  لجات اليه  امريكا نتج عنه عدم اقبال على استهلاك السلع المعمرة الا انه قد تم في الجانب الانتاجي زيادة اكثر في حجم وقيمة الانتاج .

وكانت كريستين لاجارد قد تعهدت أمام لجنة خبراء بالمنتدى الاقتصادي العالمي في "دافوس"، بمواصلة الكفاح للسيطرة على التضخم الذي قالت إنه "مرتفع للغاية. ازمة التضخم اصبحت واقعا يستفحل وجوده مع مرور الوقت،  لذلك من الحكمة السياسية والحكمة الاقتصادية ان تتضافر الجهود لكل الاطراف على اختلافها حتى لا تدخل هذه الازمة  منعطفا آخر.

 



التعليقات