مقال رئيس المركز


كتب فاطيمة طيبى
6 أغسطس 2023 1:28 م
-
صراع الحيتان

صراع الحيتان

صراع الحيتان 

بقلم ـ  د. خالد الشافعي  

كل الاحداث وكل الاخبار في وكالات الانباء العربية اوالعالمية او حتى الصحف الالكترونية تنتهي عند عنوان واحد "النيجر"..  هذا البلد الذي اراد له اصحاب المصالح والنفوذ ان يكون كما يقال"محلك سر" لا احد يعرف الكثير عن هذا البلد اكثر من موقعه الجغرافي حتى وان صادفت احدهم يملك من المعلومات القدر الكبير .

والسؤال لماذا حدث هذا في هذا التوقيت وهذه الظروف والمتغيرات التي يشهدها العالم.. ؟ والاجابة ان للسياسة حسابات اخرى ولموازين القوة ميزان واحد  اسمه التحول والتغير والهدف المصالح. 

الذي يدفعني الى مثل هذا القول مما لا شك فيه ان العالم ومنذ الثاني والعشرين من  مارس من السنة الماضية يعيش ولادة جديدة اساسها يستند على فكرة القطبين ولو اردنا الابحار في ميزان التاريخ لحضارة الشعوب نجد ان العالم كان يحكمه دائما قطبين اثنين بموازين قوة مختلفة حتى مع بداية التاريخ والحضارات، الفراعنة والفنيقيين ثم الفرس والروم بعدها فرنسا وانجلترا واخرها امريكا والاتحاد السوفييتي .

العالم لا يمكن ان يحكمه قطب واحد فالفوضى النهاية الحتمية لا محالة ،وهذا ما ترجمته الساحة العالمية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والامثلة من حولنا كثيرة حروب وتفكك في بقاع مختلفة والدليل في ذلك ما حدث في العراق واخرها خسارة الغرب حين انسياقه في حرب اوكرانيا وتورط النيتو.

ارى ان ما قام به الرئيس بوتن تعبيرا منه ان المبيت الشتوي للدب الابيض قد ذاب عنه الكتل الجليدية ونزح ليلاعب اوروبا في عقر دارها مغيرا بذلك كل قواعد اللعبة  .واول هذه القواعد افرقيا مستعمرات القوة والوجود الاوروبي في كل شيء اولها الذهب و للمعلومة على سبيل المثال فرنسا لديها رابع احتياطي من الذهب العالمي  رغم انها لا تملك ذهبا ،اضف اعتمادها على 80% من ما تجلبه من النيجر من الاورانيوم وتصدر منه الى باقي الدول الاوروبية من الكهرباء، وحسب ما جاء من  وكالة الطاقة النووية في الاتحاد الأوروبي (يوراتوم) ان النيجر ثاني أكبر مورد لليورانيوم الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي العام الماضي 2022 

وهنا يجدر بي القول  أن أسعار اليورانيوم لا تخضع لنفس قوانين أسعار الطاقة الأخرى، مثل ما حدث في  حرب أكتوبر 1973،حيث بلغ  سعره منتهاه خلال أزمة النفط ورغم تقلبات سوق النفط العالمية الكثيرة لم يتكررالحدث، وافسرذلك من أن سعر اليورانيوم يستجيب للأحداث والاتجاهات، التي يمر بها الاقتصاد.

قوة روسيا في مساحاتها الشاسعة اولا  17 مليون متر مربع وامكانياتها الغنية  بالموارد الطبيعية باعتبارها اغنى دول العالم  ثانيا وهي تود ان تجد مصادر جديدة توسيعية لاقتصادها بعد ما تمردت افريقيا على الغرب الكائن الاستعماري القديم الذي لم يجلب الا الدمار لهذه الدول رغم غناها .

وروسيا وجدت في يورانيوم النيجر ضالتها لترد على عقوبات اوربا فأسعار اليورانيوم ترتفع أو تنخفض متاثرة  بصورة غير مباشرة بالجو العام لأسعار سلع الطاقة الأخرى مثل الغاز أو النفط  وهذا ما يفسر انه عندما تواجه الاقتصادات فترات أزمة تبحث شركات المرافق العامة عن بدائل أرخص للوقود، وهذا ما افسره بان الاتجاهات السعرية لليورانيوم تعتمد  في الاساس على تقلبات مجريات الاحداث الجيو- سياسية، وتحولات الاقتصاد العالمي وهذا ما يفسر صعوبة  التوقعات المستقبلية لسعر اليورانيوم.

من جهة ثانية ما يصبو اليه الاقتصاد العالمي المستقبلي يكمن  في الدور المحوري الذي يلعبه المعدن في تشغيل المفاعلات النووية ومن ثم في توليد الطاقة النووية، فإن أسعاره عرضه للتأثر بالتوقعات العامة لمشاريع الطاقة النووية، ومن المنطقي استخلاص أن أي زيادة متوقعة في الطلب على الطاقة النووية ستنعكس على تكلفة اليورانيوم. وهنا مربط الفرس للسياسة النووية الروسية .

وبسبب ارتفاع الأسعار، بشركة SPUT الكندية تسنثمر من خلال  شراء اليورانيوم وتخزينه لقناعتها أن العالم سيتجه نحو بناء مزيد من المفاعلات النووية لتوليد الطاقة النظيفة مستقبلا، اذ اشترت 24 مليون رطل من اليورانيوم بقيمة وصلت إلى مليار دولار.

وافسر هذا بان  الطاقة النووية ستلعب دورا أساسيا في الانتقال إلى الطاقة النظيفة ، والاستثمار فيها للتخلص من الانبعاثات فالولايات المتحدة على سبيل المثال لديها 20% من الكهرباء تأتي من الطاقة النووية.

الجانب الاخر ان الكثير من الدول ترسم مستقبلا اكثر تفاؤلا بشأن الطلب المستقبلي على اليورانيوم، رغم  ما سببته جائحة كورونا  من تراجع العرض العالمي بشكل كبير أدى  الى تعطل عمليات التعدين نتيجة سياسات الإغلاق وانخفاض الإنتاج العالمي 9.2 % العام الماضي، وبسبب ان  اليورانيوم معدنا ليس له بديل، أهميته  بالنسبة للدول يدخل في مجال الأمن القومي باعتبار ان المفاعلات النووية جزءا أساسيا في إنتاج الطاقة.

 وارى ومن جهة ثالثة كان على الدب الابيض ان يصنع واقعا افريقيا جديدا غير الذي سن قواعده القديمة كل من اوروبا وامريكا هذا الواقع اتفاقية تجارة حرة مع اكبر شركاء تجاريين في افريقيا اولها مصر 5 مليار دولار ثم الجزائر 3 مليار دولار والمغرب 107 مليار دولار وتونس 800 مليون دولار.

 فهي بهذه الاتفاقية تود توسيع حجم تجارتها والمبادلات التجارية مع افريقيا والتي تبلغ  اكثر من 20 مليار دولار وروسيا ترى فيه رقما زهيدا لابد ان يتضاعف اكثر ولما لا ؟ خاصة مع ان امكانيات هذه الدول الاستراتيجية واود ان افسر انه في واقع هذه الاتفاقية كثير من المميزات بداية بتخفيض الضرائب وازالة القيود الجمركة اضف اليها التعامل بالعملات المحلية  بتسهيل انتقال المستثمرين والاموال بين دول الاعضاء والذي ارى فيه ليس فقط ضربا للدولار بل مقتلا له وزعزعة هيمنة الغرب على هذه المنطقة

واستكمالا لقواعد اللعبة روسيا تتنازل عن 20 مليار دولار من ديونها لافريقيا وتمنحها القمح والحبوب  مجانا وها هي ذي تلاعب فرنسا واخريات من الدول الاوروبية بمطنق القوي ليس من يكسب المعركة القوي من يكسب الحرب كلها  .

 

 

 

 

 



التعليقات