مقال رئيس المركز


كتب فاطيمة طيبى
11 سبتمبر 2023 3:57 م
-
لعنة المورد

لعنة المورد

 لعنة المورد

 

بقلم ـ الدكتور خالد الشافعي

لا يجب ان يبنى الراي العام في اي من القضايا الاقتصادية على بيانات جزافية او اراء متداولة متباينة تفتقر الى المصداقية العلمية الاقتصادية والذي يدفعني الى هذا القول ما اثير من تساؤلات حول حقيقة افلاس الكويت..  وما تداوله العامة انما هو في واقع الامر كلام  غير مبني على حقائق اقتصادية اطلاقا .

الذي اود ان ابدا به كلامي هذا ان دولة الكويت الشقيق تعتبر من اغنى دول العالم النفطية اذ يبلغ انتاجها اليومي من البترول  حوالي 2.7 مليون برميل يوميا والذي يتراوح سعر البرميل منه من  70 الى 80 دولار، والنفط يمثل اعلى معدلات الدخل خاصة لدولة مثلها والتي لا تزيد  مساحتها عن  18 الف كيلومتر مربع

بعدد سكان يبلغ  5 مليون نسمة وبناتج محلي يصل الى 183 مليار دولار حسب احصائيات سابقة، وجل هذا الناتج المحلي العائد منه من النفط ..

استوقف في عجالة ان هذه الازمة اثيرت عند ظهور مقطع فيديو لعضو مجلس الأمة الكويتي حسن الجوهر، وهو يقول: "بعد إقرار ميزانية 2023-2024، قرعنا جرس الإنذار بأن إيرادات النفط لم تعد تكفي حتى رواتب الموظفين " .

وما اجده في تصريحات النائب الكويتي حسن الجوهر، في المركز الإعلامي لمجلس الأمة، بيوم 17 أغسطس من السنة الجارية ، حين عرضه لأرقام موازنة دولة الكويت ، اراد ان يشير من خلالها لحجم إيرادات النفط والتي وصلت الى17 مليار دينار كويتي، في حين بلغت مرتبات الموظفين وحدها 15 مليار دينار، أي ما يعادل 90% من إيرادات النفط.

كما اجد انه قد عبر فيها وبكل وضوح عن  ضرورة تنويع مصادر الدخل للدولة وعدم الاعتماد على إيرادات النفط فقط ، فهي لا تكفي لتحمل أعباء التنمية والاستحقاقات التي ينتظرها الشعب الكويتي من زيادة الرواتب والارتقاء بمستوى معيشة المتقاعدين وتطوير الخدمات معبرا " سنكون جميعا أمام وضع كارثي في المستقبل القريب".

 اذن فالاستفسار عن السبب الفعلي وراء هذا العجز حيث الايرادات لا تفي حق النفقات  ارى في الموضوع حين تكون النفقات اكبر من العائد، تضطر الدولة في هذه الحال  الى الاقراض ان تعرضت لحالة من اشكال المد والجزر على مستوى النفقات والتي  تخضع فيها لضغوط اسعار سوق البترول العالمية ، والنتيجة الحتمية الوصول الى هذا المنحنى والتي من وجهة نظري الخاص لا استطيع ان اصفها بمفهوم  الافلاس لانه لا يمكن في اي حال من الاحوال ان نطلق هذا المسمى على الدول بقدر ما يمكن ان نصف  به الشركات والهيئات العامة 

الوصول الى هذا المنحنى الاقتصادي للدولة هو في واقع الامر فقر هذه الدول عن اعداد ما يسمى بالرؤيا الاقتصادية المستقبلية التي من خلالها تستطيع بناء اسس متينة تعطي من خلالها دفعا جديدا حول الاستمرارية .. ولن يتحقق ذلك الا باللجوء الى الاستثمار الاجنبي بخلق انشطة جديدة من خلاله تستطيع اي دولة ان تستمر في بنائها الاقتصادي ، في حالة ما اذا ان مصادر الطاقة نفذت او تغيرت لظروف ما .. فالاستثمار الاجنبي غير انه  يوفر الحراك الاقتصادي الداخلي كالبطالة وما نحو ذلك فهو في الجهة المقابلة يستطيع ان يخلق نوعا من التوازن الاقتصادي هذا التوازن لن تستطيع اي دولة تحقيقه دون ان يكون هناك استقرار سياسي .

هذه الحركة الاعلامية الواسعة لم تشرح في حقيقتها و بصورة موضوعية عرضا لموازنة الكويت لـ 2023-2024 ارى انه  وبمراجعة موازنة دولة الكويت الأخيرة، والتي صدرت عن وزارة المالية في  السادس من اغسطس ، عن الفترة من 1 إبريل عام 2023 وحتى 31 مارس عام 2024،  تبين أن مجمل إيرادات الدولة المتوقعة تصل إلى 19.5 مليار دينار كويتي، فيما تصل المصروفات إلى 26.3 مليار دينار كويتي، لتنتهي الموازنة بعجز يقدربـ 6.8 مليار.

ولذلك ارى ان الكويت تعيش على  نهج ما تم التخطيط له في السنوات السابقة  كعدم توفر موارد اخرى اضف اليها عدم وجود خططا لتنويع مصدر الحركة الاقتصادية.

ولو عدت بالنهاية حيث البداية الى نقطة الافلاس يراه البعض فعليا عجزا  عن  سداد الديون..  لكن اجد ذلك غير صحيح  فالدين العام للكويت وصل الى حوالي 25 % من الناتج المحلي على شكل قروض، وارى انه  ليس لديها مشكلة في الدين العام ، بالعكس  فهي تملك ما قيمته 45 مليار دولار استثمارات في اذون الخزانة الامريكية. وارى فعليا ان اعلان الافلاس انما هو في واقع الامر جاء من اجل تقوية الاقتصاد الوطني كخطوة اولى نحو استراتيجية اقتصادية محلية جديدة  .



التعليقات