مقال رئيس المركز


كتب فاطيمة طيبى
6 مايو 2023 8:45 م
-
نظام جديد مع بداية عصر اليوان الصيني

نظام جديد مع  بداية عصر اليوان الصيني

  نظام جديد مع  بداية عصر اليوان الصيني

بقلم ـ الدكتور خالد الشافعي

يشهد العالم تداعيات متلاحقة ،السبب الرئيسي مجموعة من التحولات الاقتصادية السريعة والتي دفعت بالكثير من الدول للبحث عن حلول بديلة لهذه المعطيات الجبرية، الهاجس الفعلي للتصدي للركود التضخمي وكل يحاول ان يعالج هذا بطريقة تغلب عليها السرعة من جهة والحكمة من جهة اخرى تجنبا لاي ردود سلبية تستوجب اتخاذ قرارات واضحة فيما يخص رفع اسعار الفائدة ..الهدف من وراء هذا كله فهم اتجاهات المستقبل والمحافظة على مكانة الدولار عالميا امام سلة من العملات ياتي في المقدمة اليوان والروبل .

العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي اصبح تحت سيطرة الدولار الامريكي وحسب تاكيد بعض الاقتصاديين  ان العملة الخضراء بالنسبة لكثير من الدول وقتها  كانت أكثر العملات أمانا  .

 الا ان هذا الواقع تغير مع تغيرات الاحداث خاصة بعد العقوبات المتكررة التي كانت في كل مرة تفرضها امريكا ،ادى بكل من الصين وروسيا في بناء كتلة بديلة للتحرر من هيمنة الدولار.

 وارى ان الصين وروسيا وجدتها فرصة حكيمة للتحرر من هذه الهيمنة وبدات كل واحدة من خلال عملياتها الاستراتيجية ازالة الدولار من تعاملاتهم التجارية ونجحت كل واحدة  في ايجاد تحالف لها .

 كما اود ان ااكد  الدافع الرئيسي الحقيقي ، سببه العقوبات الغربية ضد موسكو وتحرك الولايات المتحدة وأوروبا لعزل روسيا عن نظام الرسائل المالية العالمي المعروف باسم SWIFT وذلك في أعقاب الحرب في أوكرانيا، وهو ما أثار مخاوفا من أن يصبح الدولار أداة سياسية علنية بشكل دائم.

 لذلك اقول ان استخدام امريكا للدولار  كسلاح سياسي واقتصادي يدفع  إلى زيادة الضغط على الاقتصادات الدول الآسيوية التي لا تملك نظام دفع بديل يعرضها وغيرها من الدول لخطر الامتثال الجبري لأي عقوبات أمريكية تكون نتيجتها الحتمية خسارة للتجارة مع الشركاء الدوليين.

الخطوة  القوية ان الصين بالفعل تخلت عن الدولارفي تعاملات مع روسيا وباكستان وعدة دول أخرى.

من وجهة نظري ان السقوط الحقيقي للدولار على وشك..  وبشكل او باخر الهيمنة الفعلية لليوان وان كان حتى الروبل سيكون له ارتباط وثيق بالدرجة الاولى بالبترول والذهب والغاز الطبيعي .. هذا ما يفسر ضمنيا ان الخطوة الفعلية ذاهبة الى مسارها الصحيح خاصة ان بورصة شنغهاي اعلنت نهاية شهر مارس الماضي باتمام أولى صفقات الغاز الدولية باليوان الصيني بدلا من الدولار،  تعدتها الى عقد صفقة مماثلة مع دولة الإمارات العربية المتحدة.والدليل على ذلك ان

شركة الصين الوطنية للنفط البحري "كنوك" وتوتال اجرت أولى تعاملات الصين في الغاز الطبيعي المسال  حيث تم تسويتها باليوان. وشملت الصفقة حوالي 65 ألف طن من الغاز الطبيعي المسال المستورد من الإمارات.

على الجانب الاخر ارى ان مجلس الوزراء السعودي وافق على قرار الانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون في الوقت الذي تبني فيه الرياض شراكة طويلة الأجل مع الصين  يجعلني افسر بالضرورة ان السعودية تلعب دورا حاسما فيما يتعلق باستمرار هيمنة الدولار، حيث إنه إذا انتهت المبادلات النفطية بالدولار، فذلك يعني نهاية عصر الدولار الأمريكي.  خاصة مع احتمالية وجود في الافق شكلا جديد بتاسيس تحالف اقتصادي صيني روسي سعودي .

هذا من جهة اخرى كثفت دول مثل بنجلادش وكازاخستان ولاوس مفاوضاتها مع الصين لتعزيز استخدام اليوان الصيني في التعاملات التجارية كما بدأت الهند منذ أشهر قليلة في تأمين آلية دفع ثنائية مع الإمارات العربية المتحدة بالروبية الهندي.

لذلك ان فكرة زحزحة الدولار من على عرشه يستوجب بالضرورة حتمية ايجاد بديل له في النظام النقدي العالمي بمعنى التوصل الى عملة بديلة في التعامل .. يعنى ان تحل محله عمله أخرى بديلة.

 لكن هذا ليس ضروري أن يحدث ويمكن أن يكون بديل الدولار مجموعة من العملات وليس بالضرورة عملة واحدة. فالدولار لن يستطيع التمسك بهيمنته الساحقة إلى الأبد حيث يتقلص الحجم النسبي لاقتصاده لمصلحة العملات الأخرى، لكن الاتجاه الدولي سيشهد من وجهة نظري مزيدا من التقدم في اتجاه رفع حصة اليورو واليوان في الاقتصاد الدولي، كما أن عملات الاقتصادات الناشئة مثل الروبية الهندية والريال البرازيلي، سترتفع في ترتيب العملات المستخدمة في المعاملات الدولية.

بمعنى آخر ترى وجهة النظر تلك أن الدولار سيظل مسيطرا على الاقتصاد الدولي، لكن بدرجة أقل لمصلحة يصنعها دور متزايد لليورو واليوان وعملات الاقتصادات الناشئة، ما يعني عمليا الانتقال إلى نظام نقدي متعدد الأقطاب دون أن يهيمن عليه أحد، لكن الإطار الزمني لمثل هذا التغيير طويل بسبب ثبات الأسواق المالية الدولية ورغبتها الدائمة في المحافظة على الاستقرار.

النتيجة إن المنافسة الجيوسياسية المتصاعدة بين واشنطن وبكين ستظهر حتما في نظام احتياطي العملات العالمي ثنائي القطب  .



التعليقات